يوسف بن يعقوب المدير العام والمؤسس لمنتدي مدرسة الفرقان للعلوم الشرعية بمسجد المغفررة بمطار إمبابة
عدد المساهمات : 160 تاريخ التسجيل : 03/04/2010
| موضوع: التقوى الدُرَة المَفقُودة والغاية المَنشُودة السبت فبراير 19, 2011 10:35 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيممقدمة إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [ ..... ( أل عمران : 102 )] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [ ..... ( النساء : 1 ) ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [ ....... ( الأحزاب : 70 ، 71 ) ثم أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلاله وكل ضلاله فى النار .ففى مثل هذه الازمنة الغابرة التى استولت فيها الغفلة على القلوب ، وضعفت فيها العين المتطلعة إلى الأخرة فلا تكاد ترى ، وظن الناس أن السعيد من فاز فى الدنيا بشهواتها ، ومن وصل إلى جاهها وسلطانها ، والشقى من حرم هذا الخير العظيم والرزق الكريم وهذا من الغفلة الشنيعة والجهل البليغ بالسعادة الحقيقية والشرف العظيم الذى جعله الله عز وجل للمتقين فى الحياة ويوم يقوم الناس لرب العالمين ولو ذاقت قلوب أهل الدنيا شيئاً من مواجيد أهل التقوى وما يجدونه من العزة والشرف فى الدنيا مع ما ينتظرهم من سعادة الأخرة ونعيمها لأكلوا أصابعهم ندماً وحسرة على ما فاتهم من الخير ويفوتهم إذا استمرت غفلتهم ،فالتقوى كما قال الغزالى رحمة الله : كنز عزيز، فلئن ظفرت به كم تجد فيه من جوهر شريف ، وخير كثير ، ورزق كريم ، وفوز كبير ، وغنم جسيم ، وملك عظيم ، فكأن خيرات الدنيا والأخرة جمعت فجعلت تحت هذه الخصلة الواحدة التى هى تقوى الله ، وتأمل ما فى القرأن من ذكرها فكم علق بها من خير وكم وعد عليها من خير وثواب وكم أضاف إليها من سعادة ([sup]).فاهل التقوى هم ملوك الدنيا كما أنهم ملوك الأخرة وهم وأهل السعادة الحقيقية والشرف العظيم فى الدنيا والأخرة كما قال تعالى : ] وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [ .......... ( طه : 132 ) وقال تعالى : ] وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [ .......... ( الزخرف : 35 ) وأنت يا أخى الكريم معى فى هذا الكتاب نسير مع التقوى فى كل باب لعلى وإياك عند الختام يمن الله علينا بالتوبة النصوح وما لها من الفتوح ويجعلنا من المتقين ، الذين تقر أعينهم فى الدنيا بالطاعات وفى الأخرة بالجنات ، وقد جمعت لك فى هذا الكتاب من المعانى الشريفة ، والفوائد اللطيفة ما تنشرح له القلوب ، وتقترب به من علام الغيوب وغفار الذنوب ، فبدأت بذكر معانى التقوى وأقسامها ، وثنيت بذكر شرفها وخطرها ، وثم اجتهدت فى الباب الثالث فى بيان ما تتطلع إليه قلوب اصحاب الهمم العالية والنفوس الأبية وهو فى بيان كيف تتقى الله عز وجل وذكرت لك خمسة وسائل : الأولى محبة الله عز وجل ، والثانية فى استحضار المراقبة والحياء ، والثالثة فى معرفة ما فى طريق الحرام من الشرور والالام ، والرابعة فى بيان كيف تغالب هواك وتطيع مولاك، والخامسة فى معرفة مكائد الشيطان ومصائده ، والحذر من وساوسه ودسائسه ، ثم زدتك تشريفا وتعريفا باصحاب الرتب العالية والدرجات الرفيعة السامية، بذكر صفات المتقين ، وختمت بحسن االختام ، وهو رحله فى رياض التقوى ننزة قلوبنا وابصارنا برؤية ثمرات التقوى العاجلة والآجلة. والامر كما يقال : طبيب يداوى .... والطبيب سقيم ولولا ما نطمع فيه من رحمة الله وعفوه وكرمه ، وان لا نحرم دعوة صالحة من اخ كريم لتقطعت القلوب يأسا من النفوس وصلاحها وقلة تقواها ، ولا تظن ان من تكلم عن التقوى فقد صار بذلك من المتقين ، فما اظهر الفرق بين العلم بوجوه الغنى واكتساب الاموال وهو فقير وبين العلم بأسباب الصحة وهو سقيم ، ولكن نرجو بذكر القوم ومحبتهم ان نجد ريحا من اثار غبارهم او ان نلحق ولو بساقاتهم وكما قال بن الجوزى رحمة الله :إن صدقت فى طلابهم فانهض وبادر، ولا تستصعب طريقهم فالمعين قادر، تعرض لمن اعطاهم وسل فمولاك مولاهم ، رب كنز وقع به فقير ، ورب فضل اختص به صغير ، علم الخضر ما خفى على موسى وكشف لسليمان ما خفى على داود وسوف تجد فى صحبة هذا الكتاب ومبانيه ما يبين لك شرف معانيه ، فتجد شرف التقوى فى طياته وسعادتها ين وريقاته ، نسأل الله أن يجعلنا من أهلها وأن يقسم لنا من كنوزها وثمراتها . وأن يبارك فى هذا الكتاب وفى جامعة وناشره ومن قرأه يلتمس الهداية والتوفيق ، والله الهادى لاقوم طريق فهو الذى تقر القلوب بمحبته فى الدنيا ورؤيته فى الجنة ، وصلى الله على رسوله المصطفى واله واصحابه ومن اتبع السنة وسلم تسليماً .
منهاج العابدين (7) مكتبة الجندى ) المدهش لابن الجوزى ( 428 ) بتصرف دار الكتب العلميه | |
|